الاثنين، 14 يناير 2013

لقطه من روجوع العجوز الى صباه

ثم تقدمت الجارية الثالثة، وقالت: أما أنا- يا مولاي- فكنت من الحرائر العابدات الزاهدات الصائمات, وكنت كثيرة العبادة والصلاة وزيارة قبور الصالحين والأولياء، والتردد إلى مجالس العلماء والموالد. وكنت من أحسن خلق الله، ولم يكن ببغداد امرأة أحسن مني. وخطبني خلق من الناس ومن أكابرهم، فلم أجب أحدًا منهم. فلما كان بعض الأيام، عزمت على العبور من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي لزيارة أحد الأولياء. فقصدت دجلة أطلب سفينة, وإذا بملاح قد قدم بسفينته وهي فارغة، وهو واقف في سطحها كأنه الأسد. فلما رآني مقبلة قال: انزلي يا سيدتي أحملك إلى مكان تختارينه. فنزلت معه. وكان يومًا شديد الضباب، ولا يقدر الإنسان أن يبصر كفه, والندى يتساقط من الجو كالمطر. فلما نزلت قال: أيْنَ تريدين يا سيدتي؟ قلت: أريد زيارة قبر فلان، فقال: حُبًّا وكرامة. 
ثم إنه دفع السفينة، وركب مجاذيفه وجَذَّفَ. وكنت لفرط ما سهرت ليلتي من العبادة والصلاة نعسانة، فغلب عليَّ الكرى، فاتكأت إلى جانب السفينة, ونمت وغرقت في النوم. فلما علم بنومي وانفرادي معه في السفينة، وشاهد حسني وجمالي، طمع بي وأغراه الشيطان، وأضمر في نفسه الخيانة والفجور. جَذَّفَ حتى بعُد عن العمارة التي في بغداد، وطار في الخراب، وطلع بي في موضع لو أراد أن يقتلني فيه لم يشعر به أحد. ثم قال: قومي, اصعدي, فانتبهت, فرأيت موضعا أنكرته، فقلت: سألتك بالله أين أنا ؟ قال: إذا صعدت قلت لك. فعلمت الحال، وتيقنت من خيانته، فجعلت أبكي وألطم وأصيح؛ فأخرج من وسطه سكينًا وقال: والله إن نطقت بحرف واحد أخرجت أمعاءك! فقلت: يا هذا، خذ قماشي ودعني أمضي, فقال: ما أصنع بقماشك، وإنما بغيتي أن ألتذ بك اليوم، وأجد لذتي وأبلغ غرضي منك وحظي. 
فلما سمعت ذلك منه، تعوذت بالله من الشيطان الرجيم، وخوفته من الله تعالى، وذكرت له أهوال يوم القيامة، فقال: هذا ولو خلا بك خادم لناكك بإصبعه ولا يدعك تفوتيه, فاصعدي حتى أذيقك شيئًا لم تذوقي في عمرك كله ألذ ولا أطيب منه, فاصعدي ودعي عنك اللجاجة, ولا تردي رزقًا ساقه الله إليك, فتعسرت عليه ولم أجبه إلى ما أراد. فلما رآني لم ينفع القول فيَّ, وثب إليَّ وجذبني بضفائري ومقانعي، ثم أخرجني من السفينة وربطها، وأخذني في حضنه وألقاني على ظهري, وكشف أثوابي وفتق سراويلي, وأخرج أيْرَه كأنه من أيور الحمير, فلكز به باب رحمي وزجه في بطني, واستوثق من أكتافي، وجعل يدفع عليَّ وهو يبوسني، وأنا أصرخ وهو لا يعاقبني إلا بالنيك, وأنا أتلبط من تحته ولا أهينه, فلما رآني كذلك جذبه مني ونط إلى السفينة، و أخرج منها حبلاً وأتى إليَّ فشد به يدي ورجلي، وجعلني ملقحة مثل الكرة, واستوى على رؤوس أصابعه وطعنني بأيره طعنة لم تخطئ باب شفري، فآلمتني إيلاماً شديداً، وصحت به: ارحمني لوجه الله الكريم؛ وإذا كان لابد، فخذ باب رحمي، ودع الجحر فلا طاقة لي بهذا الأير العجيب, فجذبه وهو ينقط دمًا. فقلت: حل أكتافي حتى أمكنك من نفسي، أشهد الله تعالى على ذلك, فحل أكتافي ونهض عني، فقمت إلى الماء واغتسلت، وأنا أقول سبحان الله مَن أوقعني في يد هذا الظالم, ثم استلقيت على ظهري/ وجاء حتى جلس على رجلي، وعاد إلى الفعل، وأخذ أيْرَهُ بيده وأخذ يجف به بين أشفاري، وهو يبوسني بوساً ألذ من العافية, فكأنما كنت نائمة وتنبهت, أو سكرانة فصحوت, فرأيت شابًا مليحًا ظريفًا حسن الوجه، وهو منكب عليَّ يصفق حِرِي بأير كبير صلب، ويرهزني رهزًا قويًّا متداركًا, فمالت إليه جوارحي، وأقبلت عليه أترشفه وأضمه إلى صدري، فعلم أني قد تعطفت عليه. استقبلني وناكني نيكاً عنيفًا ما وجدت في عمري ألذ منه, ثم جذب أيْرَهُ من حِرِي فاعتنقته وقبلته، وقلت له: إذ قد هتكت ستري، فأقم ما أنت عليه، وأنا أتردد عليك, فقال: يا سيدتي: إن أحببت المواصلة على هذا الوجه، فأنا عبدٌ من عبيدك, فقلت له: بل أنت سيدي وأعز الخلق عليَّ. وأقمت أتردد عليه مرارًا، حتى فطنت بنا زوجته، فكانت سبب الفرقة بيني وبينه. فوالله لا خرجت محبته من قلبي أبدًا لو أموت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق