السبت، 31 أغسطس 2013

الروض العاطر جزء1

الرّوض العاطر في نزهة الخاطر
تأليف : محمد النفزاوي - سنة 1218 هـ

الجزء الأول

قال الشيخ الإمام العلامة ألهُمام سيدي محمّد النفزاوي رحمه اللّه :

الحمد للّه الذي جعل اللّذة الكبرى في فروج النّساء وجعلها للنّساء في إيور الرّجال فلا يرتـاح الفرج ولا يهدأ ولا يقر له قرار إلاّ إذا دخله الإير، فإذا اتصل هذا بهذا وقع بينهما الكفاح والنّطاح وشديد القتال وقربت الشهوتان بالتقاء ألعانتين واخذ الأير في الدك والمرأة في الهز، بذلك يقع الإنزال، وجعل لذة التقبيل في الفم والوجنتين والرقبة والضم إلى الصدر ومص الشفة الطرية مما يقوى الإير في الحال؛ الحكيم الذي زين بحكمته صور صدور النساء بالنهود والرقبة بالقبلة والوجنتين بالحرص والدّلال وجعل لهنّ عيوناً غانجات واشفاراً ماضيات كالسيوف الصقال وجعل لهن بطوناً معتقدات وزينهن بالصورة العجيبة والأعكان والأخصار والأرداف الثقال، وأمد الأفخاذ من تحت ذلك وجعل بينهن خلقة هائلة تُشبّه برأس الأسد في العرض إذا كان ملجما ويُسمى الفرج فكم من واحد مات عليه حسرةً وتأسفاً من الأبطال وجعل له فماً ولساناً وشفتين شبه وطأ الغزال في الرّمال، ثم أقام ذلك كلّه على ساريتين عجيبتين بقدرته وحكمته ليستا بقصار ولا بطوال وزين ذلك السواري بالرّكبة والغرّة واللقب والعرقوب والكعب والخلخال أغمسهن في بحر البهاء والسلوان والمسرة بالملابس الحقيقية والمحزم البهي والمبسم الشهي سبحانه من كبير متعال القاهر الذي قهر الرجال بمحبتهن والإستكان إليهن والارتكان، ومنهن العشرة وفيهن الرّاحة وبهن الإقامة والانتقال المذل الذي أذلّ قلوب العاشقين بالفرقة وأحرق أكبادهم بنار الوجد والهوان والمسكنة والخضوع شوقاً إلى الوصال، أحمده حمد عبد ليس له عن محبة الناعمات مروغ ولا عن جماعهن بدلاً ولا نقلةً ولا انفصال، وأشهد أن لا اله إلا اللّه وحده لا شريك له شهادة أدّخرها ليوم الانتقال وأشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمد عبده ورسوله سيد المرسلين صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه صلاةً وسلاماً أدخرهما ليوم السؤال وعند ملاقاة الأهوال.

و بعـــد ..
هذا كتاب جليل ألّفته بعد كتابي الصغير المسمّى ( تنويع الو قاع في أسرار الجماع ) وهو الوزير وذلك انه أطلع عليه وزير مولانا صاحب تونس المحروسة باللّه الأعظم وكان شاعره ونديمه ومؤنسه وكاتم سره وكان لبيباً حاذقا فطنا حكيما أحكم أهل زمانه وأعرفهم بالأمور وكان اسمه محمد عوانه الزاوي وأصله من زواه ومنشأه الجزائر، تعرّف بمولانا السلطان عبد العزيز الحفصي يوم فتحه الجزائر فارتحل معه إلى تونس وجعله وزيره الأعظم فلما وقع هذا الكتاب المذكور بيده أرسل إليّ أن أجتمع به وصار يؤكد غاية التأكيد للاجتماع بي.

وعندما اجتمعت به وأخرج لي الكتاب المذكور وقال لي هذا تأليفك فخجلت منه؛ فقال: لا تخجل فإن جميع ما قلته حق ولا مروغ لأحد عما قلته وأنت واحد من جماعه ليس أنت بأول من ألّف في هذا العلم وهو واللّه مما يحتاج إلى معرفته ولا يجهله ويهزأ به إلاّ جاهل أحمق قليل الدّراية، ولكن بقيت لنا فيه مسائل، فقلت: وما هي؟، فقال: نريد أن نزيد فيه مسائل، وهي أنك تجعل فيه الأدوية التي اقتصرت عليها وتكمل الحكايات من غير اختصار وتجعل فيه أيضا أدوية لحل المعقود وما يكبر الذكر الصغير وما يزيل بخوره الفرج ويضيّقه وأدوية للحمل أيضا، بحيث أنه يكون كاملاً غير مختصر في شىء، فإن ألّفته نلت المراد؛ فقلت له : كل ما ذكرته ليس بصعب إن شاء اللّه، فشرعت عند ذلك في تأليفه مستعينا باللّه ومصلياً على سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم وسميته:

الرّوض العاطر في نزهة الخاطر
واللّه الموفق للصواب لا ربّ غيره ولا خير إلاّ خيره نســأله التوفيق والهداية، ولا حول ولا قوة إلاّ باللّه العلى العظيم، ورتّبته على إحدى وعشرين باباً ليسهل على الطّالب قراءته ويجد الحـاجة التي يطـلبها وجعـلـت لكل بـاب مـا يـليق به من منافع وأدوية وحكايات ومـكـائــد فـأقـول:-

الباب الأول المـحـمـود مـن الـرجـال
الباب الثاني المـحـمـود مـن الـنـســـاء
الباب الثالث الـمـكـروه مـن الـرجـــال
الباب الرابع الـمـكـروه مـن الـنـــسـاء
الباب الخامس ابــتــداء الــجــــمــاع
الباب السادس كـيـفـيـة الــجــمــاع
الباب السابع مــضــرات الــجــمــاع
الباب الثامن أسماء إيــــور الـرجــــال
الباب التاسع أسماء فــــروج الــنــســاء
الباب العاشر إيـــــور الحــــــيـوانـات
الباب الحادي عشر مــــــكـائـــد الـنــــســاء
الباب الثاني عشر أسئلة ومــنافـع للـنـساء والرجـال
الباب الثالث عشر أسباب شـهوة الجماع وما يـقـوى عـلـيـه
الباب الرابع عشر فيما يـســتـدل بـه على أرحام الـنـسـاء
الباب الخامس عشر أسباب عـقـم الـرجــال
الباب السادس عشر الأدوية التي تـسـقط الـنـطـفـة من الرحم
الباب السابع عشر حـل الـمـعـقود و هو ثـلاثة أصناف
الباب الثامن عشر فيما يـكبر الـذكر الـصغير و يـعـظـمـه
الباب التاسع عشر فيما يزيل بخوره الـفرج و الإبط و يضيـقه
الباب العشرون عــلاجات الحمل ومـا تـلـده الـحـامـل
الباب الحادي والعشرون خاتمة الكتاب في منافع للبيض وأشربه تعين على الجماع
وقد جعلت هذا البرنامج ليستعين به القارئ على مراده .
الباب الأول
المحمود من الرّجال
اعلم يرحمك اللّه ... أيها الوزير إن الرّجال والنّساء على أصناف شتى، فمنهم محمود ومنهم مذموم. فأما المحمود من الرجال عند النـسـاء فهو كبير المتاع ألقـويّ الـغليظ البطء الإنزال والسريع الحركة والقوي الشهوة وهذا مستحسن عند النساء والرجال، وأما النساء وحدهن إنما يردن من الرجال عند الجماع أن يكون وافر المتاع طويل الاستمتاع ضعيف الصّدر ثقيل الظّهر بطيء الهراقة سريع الأفاقة ويكون إبره طويلاً ليبلغ قعر الفرج فيسده سدا،ً فهذا محمود عند النساء ....... وقد قال الشاعر:

رأيت النساء يـشـتهين من الـفتى خصـالاً لا تكاد إلاّ في الرجال تكون
شـباباً ومالاً وانفراداً وصـحـةً ووفـر مــتـاع في الـنكاح يدوم
ومن بعد ذا عجز ثـقـيل نزولـه وصدر خفـيـف فـوقـهن يـعـوم
وبطيء الإرهاق لأنّه كــلـما أطــال أجاد الـفـضـل فـهو يدوم
و من بعد إرهاق يـفـيق مـعجلاً فـيـأتـي بـإكرام عـلـيـه يـحوم
فـهذا الذي يـشفي النساء ينكحه ويزداد حبـاً عـنـدهـن عــظـيم

حُكي ... واللّه اعلم ...: إن عبد الملك بن مروان التقى يوما بليلى الأخيلة، فسألها عن أمور كثيرة ثم قال لها يا ليلى: ما الذي تشتهيه النساء من الرجال ؟، فقالت: من خدّه كخدّنا، فقـال لها: ثم ماذا ؟، فقالت : من شعره كشعرنا، قال: ثم ماذا ؟، قالت: مثلك يا أمير المؤمنين.
فذلك الشيخ إذا لم يكن سلطانا أو ذي نعمة فليس له في ودّهن نصيب ولــذا قال الشاعر:
يردن ثراء الـمال حـيث علمـنه وصرح الشباب عندهن عجيب
اذا شاب رأس المرء أو قل مــاله فليس له في ودهن نـصيـب

وأكْيف الأيور أثنى عشر إصبعاً وهى ثلاث قبضات، وأقلها ستة أصابع وهي قبضة ونصف، فمـن الرجال من عنده اثنا عشر إصبعا وهى ثلاث قبضات ومن الرجال من عنده عشرة أصابع وهى قبضتان ونصف، ومنهم من عنده ثمانية أصابع وهى قبضتان، ومنهم من عنده ستـــة أصابع وهى قبضة ونصف؛ فمن كان عنده أقل من هذا فإنه لا خير للنساء فيه؛ وإنّ استعمال الطّيب للرجال والنساء يعين كثيراً على النكاح، وإذا استنشقت المرأة برائـحة الطـيب على الرجال انحلت انحلالا شديداً، وربما استعان على وصال المرأة برائحة الطــيب.

حُكي ... واللّه أعلم ... : إن مسيلمة بن قيس الكذّاب لعنه اللّه ادعى النبوة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، هو وجماعة من العرب فأهلكهم اللّه جميعاً وكان مسيلمة يعرض القرآن كذبا وزورا، فالسورة التي ينزل بها جبريل عليه السلام على النبي صلى اللّه عليه وسلم يأتون بها المنافقون إليه، فيقول قبّحه اللّه ( وهو القبيح ) وأنا أيضا أتاني جـبريل بـسـورةٍ مثلها، فكان مما عرض به القرآن سورة الفيل، فقال لعنة اللّه عليه "الفيل وما أدراك ما الــفيل له ذنـب وذيـل وخرطوم طويل إن هذا من خلق ربنا الجليـل" ومما عارض به أيضا سورة الكوثر ((أنا أعطيناك الجماهير فاختر لنفسك وبادر واحذر من أن تكاثر)) وفعـل ذلك في سورٍ شتى كـذبا وزوراً وكان مما يعارض به أيضــا إذا سمع أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وضع يده على رأس أقرع فنبت شعره وتفل في بئرٍ فكثر ماؤها ووضع يده على رأس صبى فقال: عش قرناً عش قرناً فعاش ذلك الصبي مائة عام؛ فكان قوم مسيلمة إذا رأوا ذلك يأتون إليه ويقولون: ألا ترى ما فعل محمد؛ فيقول: أنا أفعل أكبر من ذلك؛ فكان عدو اللّه إذا وضع يده على رأس من كان شعره قليل يرجع أقرع من حينه، وإذا تفل في بئر كان ماؤها قليل أيبس أو كان حلواً رجع مُرّاً بإذن اللّه، وإذا تفل في عـين أرمد كفّ بصره لحينه، وإذا وضع يده على رأس صبي وقال عش قرناً مـات في وقـتـه؛ أنظروا يا إخواني ما وقع لهذا الأعمى البصيرة، لكن التوفيق من اللّه تعالى.

وكانت على عهده امرأة من بني تميم يقال لها شجاعة التميمية أدعت النبوة وسمعت به وسمع بها، وكانت في عسكر عظيم من بني تميم فقالت لقومها: ألنبوة لا تتفق بين أثنين إما يكون هو نبي وأتبعه أنا وقومي وإما أن أكون أنا ويتبعني هو وقومه؛ وذلك بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم؛ فأرسلت أليه كتابا تقول فيه: أما بعـد فإن النبوة لا تتفق بين اثنين في زمن واحد ولكن نجتمع ونتناظر في ملأ من قومي وقومك ونتدارس ما أنزل اللّه علينا فالذي على الحق نتبعه، ثم ختمـته وأعطته للرّسـول، وقالت له: سر بهذا الكتاب لليمامة ومكّنه لمسيلمة بن قيس وأنـا أسير في أثرك، فسار ذلك الرسول فلما كان بعد يوم و ليلة ركبت في قومها وسارت في أثره فلما وصـل الرسول إلى مسيلمة، سلم عليه وناوله الكتاب ففكّه وقرأه وفهم ما فيه فحار في أمـره وجعل يستشير قومه واحداً بعد واحدٍ فلم ير فيهم ولا في رأيهم ما يشفي الغليل، فبينما هو كذلك حائراً في حال أمره إذ قام إليه شيخ كبير من بين الناس وقال: يا مسيلمة .. طب نفساً وقر عيناً فأنا أشـير عليك إشارة الوالد على ولده. قال: تكلم ما عهدناك إلا ناصحاً. فقال: إذا كان صبيحة الغد أضرب خارج بلادك قبة من الديباج الملون وافرشها بأنـواع الحرير وانضحها نضحاً عجيبا بأنواع المياه الممسّكه من الورد والزهر والنسرين والفشوش والقرنفل والبنفسج وغيره فإذا فعلت ذلك فادخل تحت المباخر المذهبة المملوءة بأنواع الطيب مثل عـود الأقمار والعنبر الخام والعود الرطب والعنبر والمسك وغير ذلك من أنواع الطيب، وأرخ أطناب القـبة حتى لا يخرج منها شىء من ذلك البخور، فإذا امتزج الماء بالدخان فاجلس على كرسيك وأرسل لها وأجتمع بها في تلك القبـة، أنت وهي لا غير، فإذا اجتمعت بها وشمّت تلك الرائحة ارتخى منها كل عضو وتبقى مدهوشة فإذا رأيتها على تلك الحالة راودها عن نفسها فإنها تعطيك، فإذا نكحتها نجوت من شرها وشر قومها؛ فقال مسيلمة: أحسنت .. واللّه نعم المشورة هذه؛ ثم إنه فعل لها جميع ما قال له الشيخ، فلما قدمت عليه طلبها للدّخول إلى القبة فدخلت واختلى بها وطاب حديثهما فكان مسيلمة يحدثها وهي داهشة باهتة فلما رآها على تلك الحالة وكأنها اشتهت النكاح قال لها شعرا:

ألا قـومي إلى الـمـخدع فقد هيئ لك المضجع
فإن شـئت فــرشــناك وإن شـئت على أربع
وإن شــئت كما تسجدي وإن شئت كـما أركع
وأن شـئـت بـثـلاثـة وإن شــئت به أجمع

فقالت له : به أجمع .. هكذا أُنزل على نبي اللّه؛ فعند ذلك ارتقى عليها وقـضى منها حاجــته، فقالت : أخطبني من عند قومي إذا خرجت، ثم إنها خرجت وانصرفت، وأخبرت قومها أنها سألته فوجدته على حق فاتبعته؛ ثم أتى وخطبها من قومها فأعطوها له وطلبوا منه المهر، فقال لهم: نترك عليكم صلاة العصر، فكان بنو تميم لا يصلّون العصـر إلى زمننا هذا (زمن المؤلف)، ويقولون مهر نبيتنا ونحن أحق به من غيرنا، ولم يدّع النبوة من النساء غيرها، وفي ذلك يقول القائل منهم:

أضحت نبيتنا أُنثى نطوف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا

فأما مسيلمة فهلك على عهد أبا بكر رضي اللّه عنه فقتله زيد بن الخطاب وقيل وحشي، وكلاهما من الصحابة، واللّه أعلم أنه وحشي، وفي ذلك يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وقتلت شر الناس في الإسـلام وأرجوا اللّه أن يغفر لي هذا بذاك، ومعنى قتلت خير الناس في الجاهلية حمزة بن عبد المطلب، وقتلت شر الناس في الإسلام مسيلمة الكذّاب، أي أنه لمّا كان في الجاهلية قتل حمزة رضي اللّه عنه ولمّا دخل الإسلام قتل مسيلمة. وأما شجاعة التميمية فإنها رجعت إلى اللّه سبحانه وتعالى وتزوجها رجل من الصّحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين.

والمحمود عند النساء من الرجال أيضا هو الذي يكون ذا همةٍ ولطافت ومن له حسن القوام والقد، المليح الشكل، لا يكذب على امرأة أبداً ويكون صدوق اللّهجة، أي اللسان، سخيّ شجاع كريم النفس خفيف على القلب، إذا قال أوفي وإذا اؤتمن لم يخن وإذا وعد صدق، فهو الذي يطمع في وصالهن ومعرفتهن ومحبتهن، وأما الرجل المذموم عندهن فأنظره في الباب الذي بعده عكس ما ذكر.

حُكي ... واللّه أعلم ...: إنه كان في زمن ومملكة المأمون رجل مسخرة، يقال له بهلول، وكان كثيراً ما يتمسخر عليه السلطان والوزراء والقُوّاد، فدخـل ذات يـوم على المأمون وهو في حكومته، فأمره بالجلوس فجلس بين يديه فصفع عنقه وقال له: ما جاء بك يا أبن الزانية؟؛ فرد عليه قائلا: أتيت لأرى مولانا نصره اللّه؛ فقال له المأمون: ما حالتك مع هذه المرأة الجديدة ومع القديمة؟، وكان بهلول قد تزوج امرأة على امرأته القديمة، فرد قائلاً: لا حاجة لي مع الجديدة ولا حاجة لي مع القديمة ولا حاجة لي مع الفقر، فقال المأمون: يا بهلول فهل قلت في ذلك شيئا؟ .. فقال: نعم .. قال: أنشد ما قلت في ذلك !!؛ فقال:

الفقر قيّدني و الفقر عذّبني والفقر صيرني في أشد الحال
والفقر شتمني والفقر أهلكني والفقر شمت بي بين أجيال
لا بارك اللّه في فقر تكون كما فقر فقد شمّت فيّ جميع غزالي
إن دام فقر وكايدني ومارسني لاشك يترك مني منزلي خال

فقال له: وإلى أين تذهب؛ قال: إلى اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ثم إليك يا أمير المؤمنين؛ فقال له: أحسنت، فمـن هرب إلى اللّه ورسوله قبلناه؛ ثم قال: فهل قلت في زوجتك وما وقع بينكما شـعراً ؟؛ قال: نعم !؛ قال: أسمعنا؛ فانشــــــد:

فـقـلـت أكـون بينهما خروفـا أنــعم بين ثديي نـعـجتـيـن
تــزوجت اثنين لفرط جهـلي فما أشقاك يا زوج اثــنتــيـن
فـصرت كنعجةٍ تضحي وتمسي تُـعـــذّب بين أخبث ذنـبـين
لـهــذه لـيلة و لـتلك أخرى عــــــتاب دائم في الليلتين
رضي هذه يهيّج سـخط هذي و مـا أنجو من إحدى السخطتين
فـإن شـئت أن تعيش عبداً كريماً خـــلّي الـقلب مملوء اليدين
فـعـــش فرداً فإن لم تستطعه فـواحدة تقوم بـعـسـكــرين

فلما سمع المأمون شعره ضحك حتى استلقى على ظهره ثـم خلع عليه ثوباً مذهباً، فسار بهلول مسرور الخاطر، فأجـتاز في طريقـه على منزل الوزير الأعظم وإذا بجارية في أعلى كوكب وقد فرعت رأسها فرأت البهلول، فقالت لوصيفتها: هذا بهلول وربّ الكعبة أرى علية ثوباً وذهباً، فكيف أحتال في أخذه، فقالت لها الوصيفة: يا مولاتي إنه رجل حــازم، فالناس يزعمون أنـهم يضحكون عليه وهو يضحك عليهم، أتركية يا مولاتي فلا يوقعك في التي تحفري له، فقالت: لابد من ذلك، ثم إنها أرسلت إليه الوصيفة، فقالت له: إن مولاتي تدعوك، قال: على بركة اللّه، فمن دعاني أستجب له، ثم قدم عليها فسلمت عليه وقالت له: يا بهلول ! إني فهمت عنك أنك أتيت لتسمع الغناء، فقال: أجل، وكانت هي نفسها مغنّية عظيمة، فقالت له: وفهمت عنك أنك بعـد سماعك الغناء تريد الطعام، فقال: نعم، فغنت له صوتا عجيبا ثم قدمت له الطعام والشراب فأكل وشرب، ثم قالت له: يا بهلول سمعت عنك أنك تريد أن تنزع الحلّة التي عليك وتهبها لي، فقال: يا مولاتي .. أخلعها أمام من يبرّ بيميني، فقد أقسمت اليمين أنّي لا أهبها إلاّ لمن أفعل معه ما يفعله الرجل بأهله، فقالت: تعرف هذا يا بهلول، فقال: و كيف لا أعرفه، فو اللّه إني لأعرف الناس به، وأنا أعلمهم وأعرفهم بحقوق النسـاء وبنكاحهن وحظهن وقدرهن، ولم يعطي يا مولاتي للمرأة في النكـاح حقها غيري؛ وكانت حمدونة هذه بنت المأمون زوجة الوزير الأعظم وهي صاحبة حسنٍ وجمال وقدٍ واعتدال وبهاءٍ وكمال، لم يكن في زمنها أجمل منها في حسنها وكمـالها، إذا رأتها الأبطال تخشع وتذل وتخضع أعينهم في الأرض خـوف فتنتها لما أعطاها اللّه من الحسن والجمال؛ فمن حقـق نظره من الرجال فيها افتـتن، وقد هلك على يدها أبطال كثـيرة، وكان بهلول هذا يكره الاجتماع معها فترسل إليه ويأبى خوفاً من الفتنة على نفسه فلم تزل كذلك مدة من الزمن إلى ذلك اليوم فأرسلت إليه فأتاها كما ذكرنا أوّل الحكاية فجعلت تخاطبه ويخاطبها وهو مرة ينظر إليها ومرة يقع بصره في الأرض خــوفاً من الفتنة، فجعلت تراوده على أخذ الثوب، وهـو يراودها على أخذ ثمنه؛ فتقول: ما ثمنه، فيقول: الوصال، فتقول: له تعرف هذا، فيقول: أنا أعرف خلق اللّه تعالى بـه، وحـب النساء من شأني ولم يشتغل بهن أحد مثلى، وأكمل قائلاً: يا مولاتي إنّ النساء تفرقت عقولهن وخاطرهن في أشغـال الدنيا، فهذا يأخذ وهذا يعطي وهذا يبيع وهذا يشتري إلاّ أنا، فليس لي شغل أشتغل به إلاّ حب الناعمات، أشفي لهن الغلـيل وأداوي كل فرج عليل؛ فتعجبت وقالت له: هل قلت في ذلك شعراً؛ فقال: نعم قلت في ذلك .... و أنشد يقول:
غـرقـت الناس في شغل وفي شغل و في انـبساط و في قبض وفي جسم
و في اضطرابٍ وفي فقرٍ وثمة وفي غـنـاء مـال و في أخذ و في نعم
و لا غرامي إلا في نكاح وفي حــب الـنـساء بلا شك ولا وهم
إن أبـطـأ الفرج عن أيري يعاتبني قلبيى عتاباً شديداً غـيـر مـنصرم
إلاّ أنـا ليس لي في ذلك مـنفعة في التركات ولا في العرب والعجم
هذا الذي قــام فـانظر عظم خلقته يـشـفي غليلا ويطفئ ناراً تضطرم
بـالـحل و الدّلك في الأفخاذ يا أملي يـا قـرة الـعـين بنت الجود والكرم
إن كـان يشفي عليلا زدت منه ولا عـتب عليك فهذا مصرف الأمم
و إلاّ فأبعديني عنك و اطرديني طــرداً عـنيـفاً بلا خوف ولا ندم
و انظري فان قلت لا لأزددت منقصة عـندي فـباللّه اعـذريني ولا تلم
و أدحضي عليك أقاويل الـعداوة ولا تـصـغـي لـقـول سفيه كان متهم
و أقربي إلي ولا تبتعدي وكوني كمن أعـطـى دواءً لـمن كان ذا سقم
و اعزمي لكي نرقى فوق النهود ولا تبخلي بوصل .. إلي قومي بلا حـشم
و اتـركـي عـليك فاني لا أبوح بذا لـو كـنت أنسر من رأسي إلى قدم
يـكــفيك أنت فـأنت ثم أنا فأنا عـبـد وأنت مـولاتـي بلا وهم
فـكـيـف أخـرج سراً كان متكتما أنــا على الـسـر أصم ومنيكم
اللــــه يعلم ما قد حل بي وكفى مـن الـغـرام فـاني اليوم في عدم

فلـما سمعت شعره انحلت و نظرت إيره قائماً بين يديه كالعود، فجعلت تقول مرة أفعل ذلك وذلك في نفسها خفية، وقامت الشهوة بين أفخاذها وجرى إبليس منها مجرى الدم وطابت نفسها أن ترقد له ثم قالت لنفسها: هذا بهلول إذا فعل هذا معي ثم أخبر فلن يصدقه أحد، ثم قالت له: انزع الحلّة وادخل إلى المقصورة حتى أقضي أربي منك يا قرة العين، فقامت ترتعد مما حلّ بها من ألم الشهوة ثم حلت حزامها ودخلت إلى المقصورة وتبعها وهي تتدرج فجعل بهلول يقول: يا ترى هذا في المنام أم في اليقظة، فلما دخلت إلى مقصورتها ارتقت على فرش من الحرير وأقامت الحلل على أفخاذهـا وجعلت ترتعد بصحتها بين يديه وما أعطاها اللّه من الحسن، فنظر بطنها معقدة كالقبـة المضروبة ونظر إلى سرتها في وسع القدح فمد نظره إلى أسفل فرأى خلقته هائلـة فتعجب من تعرية أفخاذها فقرب منها وقبّلها تقبيلاً كثيراً فرأى من حسنها وجمالها ما أدهشه وهي تقوم وتلقي إليه بفرجها، فقال: يا مولاتي أراك داهشة مبهوتة، فقالت: إليك عني يا ابن الزانية، فإني واللّه كالفريسة الحائلة، وزدت أنت بكلامك، ألم تعلم أن هذا الكلام يتخيل المرأة ولو كانت أصين خلق اللّه، أهلكتني بكلامك وشعرك !!؛ فقال: ولأي شيء تتحايلي وزوجك معك؛ فقالت: المرأة تتحايل على الرجل كما تتحايل الفرسة على الفرس، سواءً كان عندها زوج أم لا، خلافاً للخيل، فإنها تتحيل بطول المكث إذا لم يرتم عليها فحل، والمرأة تتحيّل بالكلام و بطول المدة فكيف أنا وهاتان الخصلتان إلتقيا عندي وأنا غاضبة على زوجي أعواماً، فقال: لها إن بظهري ألما فلا أستطيع الصعود على صدرك ولكن اصعدي أنت وخذي الثوب ودعيني أنصرف، ثم إنه رقد لها كما ترقد المرأة للرجل وإيره واقف كالعود، فارتمت عليه ومسكته بيدها وجعلت تنظر إليه وتتعجب من كبره وعظمته، فقالت: هذا فتنة النساء وعليه يكون البلاء يا بهلول، ما رأيت أكبر من إيرك، ثم مسكته و قبلته ومشته بين فرجها ونزلت عليه وإذا هو غائب لم يظهر له خبر ولا أثر، فنظرت فلم ترى منه شيئا يظهر، فقالت: قبّح اللّه النّساء فما أقدرهنّ على المصائب، ثم جعلت تطلع وتنزل عليه وتغربل وتكر بل يميناً وشمالاً وخلفاً واماماً إلى أن أتت الشهوتان جميعاً، ثم إنها مسكته وقعدت عليه وأخرجته رويداً رويداً وهى تنظر إليه وتقول: هكذا تكون الرجال ثم مسحته، وقام عنها يريد الإنصاف، فقالت: له وأين الحلة ؟، فقال: يا مولاتي تنكحيني وأزيدك من يدي !!؛ فقالت: ألم تقل لي أن بظهري ألماً فلا أستطيع الفعل؛ فقال لها: أنت التي ارتقيت عليه وجعلتيه ينزل، فأنت التي نكحتني، أما أنا فلم أرق على صدرك وأدك أيري بين خدّي فخديك، وأنا أطلب حقي منك !! وإلاّ دعيني أنصرف؛ فقالت في نفسها إني فعلت ولكنّي لن أدعه يذهب دون الثاني ويذهب عني ثم رقدت له فقال: لا أقبل حتى تنزعي جميع ثيابك، فنزعت الجميع، وعل يتعجّب من حسنها وجمالها ويقلب فيها عضواً عضواً إلى أنْ أتى إلى ذلك المحل فقبله وعضه عضةً عظيمةً وقال: آه ثم آه .. يا فتنة الرجال؛ ولم يزل بها عضاً وتقبيلاً إلى أن قربت شهوتهما، فقربت يدها إليه وأدخلته في فرجها بكماله، فجعل يدك هو وتهز هي جيداً إلى أن أتت الشهوتان ثم إنه أراد الخروج، فقالت له: أتهزأ بي ؟؛ فقال لها: لا أنزعها إلاّ بثمنها !؛ فقالت: وما ثمنها ؟؛ فقال: الأوّل لك والثاني لي وهو عوض الأول وقد تفادينا، وهذا الثالث هو ثمنه، ثم نزعه وطواه بين يديه فقامت ورقدت له وقالت: افعل ما تشاء؛ ثم إنه ترامى عليها وأولج إيره في فرجها إيلاجاً مستديماً وجعل يدك وهي تهز إلى أنْ أتت شهوتهما جميعاً فقام عنها وترك الحلة، فقالت لها الوصيفة: ألم أقل لك أن بهلول رجل حازم فلا تقدري عليه، وإن الناس يزعمون أنهم يضحكون عليه وهو يضحك عليهم فلم تقبلي قولي؛ فقالت: أسكتي عني، فقد وقع ما وقع وكل فرج مكتوب عليه اسم ناكحه حبّ من حب أو كره من كره، ولو لا أن اسمه مكتوب على فرجي ما كان يتوصل إليه هو ولا غيره من خلق اللّه تعالى ولو يهب لي جميع الدنيا؛ فبينما هما في الحديث و إذا بقارع يقرع الباب، فسألت الوصيفة: من بالباب ؟؛ فرد: أنا بهلول؛ فلما سمعت امرأة الوزير صوته ارتعدت، فقالت له الوصيفة: ما تريد ؟ قال: ناوليني شربة ماء؛ فأخرجت له الإناء فشرب ثم ألقاها من يده فانكسرت، فأغلقت الوصيفة الباب وتركته فجلس هناك، فبينما هو جالس إذ قدم عليه الوزير وقال له: مالي أراك هنا يا بهلول، فقال: يا سيدي كنت في طريقي من هنا فأخذني العطش فقرعت الباب فخرجت لي الوصيفة وناولتني إناء ماء فسقط من يدي فأنكسر فأخذت لمولاتي حمدونة الثوب الذي أعطاني مولانا الأمير في حق الإناء، فقال للجارية: أخرجي له الحلة فخرجت حمدونة وقالت: هكذا كان يا بهلول، ثم ضربت يداً على يد؛ فقال لها: أنا حدثته بخبالي وأنت حادثتيه بعقلك، فتعجبت منه وأخرجت له الحلة فأخذها وانصرف.

الباب الثاني
المحمود من النساء

اعلم ... رحمك ألله ... أيها الوزير يرحمك اللّه أن النساء على أصناف شتى فمنهنّ محمود ومنهنّ مذموم، فأمّا المحمود من النساء عند الرجال فهي المرأة الكاملة القد العريضة الخصيبة، الكحيلة الشعر الواسعة الجبين، زجّة الحواجب واسعة العينين في كحوله حالكة وبياض ناصع، مفخّمة الوجه أسيلة، ظريفة الأنف ضيقة الفم محمرّة الشفايف واللّسان طيبة رائحة الفم والأنف، طويلة الرقبة غليظة العنق عريضة الصدر واقفة النهود، ممتلئ صدرها ونهدها لحما، معقدة البطن وسرتها واسعة، عريضة العانة كبيرة الفرج، ممتلئة اللحم من العانة إلى الآليتين، ضيقة الفرج، ليس فيه ندوة رطوبة أو سخونة، تكاد النار تخرج منه وهذا الشرط مختل في بني بياضة، فما فيهن إلاّ النّتن وكثير البرودة، فمن أراد ضيقة الفرج وسخانته فعليه ببنات السودان وليس الخبر كالعيان، ويكون الفرج ليس فيه رائحة قذرة، غليظة الأفخاذ والأوراك ذات أرداف ثقال وعكان وخصر جيد، ظريفة اليدين والرجلين، عريضة الزندين، بعيدة المنكبين، عريضة الأكتاف واسعة المخرم، كبيرة الرّدف، إن أقبلت فتنت وإن أدبرت قتلت وإن جلست كالقبة وان رقدت كالهضبة العالية وإن وقفت كالعلم، قليلة الضحك والضحك في غير نقع، ثقيلة الرجلين عند الدخول والخروج ولو لبيت الجيران، قليلة الكلام معهم، لا تعمل من النساء صاحبة ولا تطمئن لأحد ولا تركن إلاّ لزوجها ولا تأكل من يد أحد إلاّ من يد زوجها وقرابتها إن كان لها قرابة، ولا تخون في شىء وتستر على كل حرام وإن دعاها زوجها طاوعته وسبقته إليه، تعينه على كل حال من الأحوال، قليلة الشاكية والنكاية، لا تضحك ولا تنشرح إلاّ إذا رأت زوجها ولا تجود بنفسها إلاّ لزوجها ولو قُتلت صبرا ..

حُكي .. واللّه أعلم .. أنه كان ملكاً فيما مضى قويّ السّلطان يُقال له (علي بن الصقيعي) أصابه ليلة من الليالي أرق شديد، فدعى بوزيره وصاحب الشرطة وصاحب العسّـة، فحضروا بين يديه، فقال لهم: إني أصابني أرق شديد، وأردت أن أطوف المدينة في هذه الليلة وأنتم بين يدي، فقالوا: ألسمع والطاعة؛ ثم تقدم وقال: بسم اللّه وعلى بركة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وساروا في أثره يطوفون من مكان إلى مكان ومن شارع إلى شارع، فبينما هم يطوفون إذ سمعوا حساً في زقاق وإذا برجلٍ سكران يقوم ويتمرغ على الأرض ويضرب على قلبه بالحجر ويقول ضاع الحق؛ فقال الملك لهم: ائتونى به برفق، وإياكم أن تروّعوه؛ فأخذوا بيده وقالوا له: قم لا بأس عليك ولا خوف لديك غير سلام؛ فقال: يا قوم ألم تعلموا أن أمان المؤمن السّلام، فإذا لم يسلّم المؤْمن على المؤْمن فقد غدره، ثم قام معهم فأتوا به إلى الملك وهو جالس ضارب النقاب على وجهه هو وأصحابه، وفي يد كل واحدٍ منهم سيفه يتوكأُ عليه، فلما وصل إلى الملك قال: السّلام عليك يا هذا، فقال له: لأني لم أعرف لك اسما، فقال له الملك: وإنّا كذلك، ثم قال الملك: مالي أسمعك تقول في حديثك: آه .. ضاع الحق .. ولا مسلم يعلم السلطان بما يجري في خلافته .. ما الذي جرى عليك أخبرني؟ فرد قائلا: لا أُخبر إلاّ من يأخذ الثأر ويكشف عني الذل والعار فقال له الملك: إنّا سنأخذ ثأرك إن شاء اللّه وسنكشف عنك العار، فقال: حديث غريب وأمر عجيب وذلك لأني كنت أهوى جارية وتهواني ولي محبة معها وتلاقينا مدة طويلة، فأغوتها بعض العجائز وسارت بها إلى دار الفسق والخنا فذهب عني النوم وفارقنا الهنا وعُدت في أشد العنا، فقال : وأيُّ الدار .. أهي دار الخنا؟، وعند من هي هذه الجارية ؟، فقال: عند عبدٍ أسود يسمى الضرغام وعنده أيضا جوار كالأقمار ليس عند الملك ما يشابههن، فمن محبتها إياه وعشقها له تبعث له ما يستحق من المأكل و المشرب، والعبد عبده، فقال له الملك: أرني المكان، فقال: إن أريتك المكان ما تصنع، فقال الملك: الذي نصنع سوف تراه، فقال له: إنك لا تستطيع لأنّ المكان مكان حرمة وخوف، وإن هجمت عليه تخاف على نفسك من الموت لأن صاحبه ذو سطوةٍ وحرمةٍ، فقال له الملك: أرني المكان ولا بأس عليك، فقال: على بركة اللّه، ثم سار أوّلهم وهم يتبعونه إلى أن أتى في زقاق كبير فسار إلى أن قرب من دار شاهقة الأبواب عالية الحيطان مرتفعه من كل مكان، فنظروا فلم يجدوا فيها مطمعاً، فتعجّبوا من دعائمها، فالتفت الملك إلى ذلك الرجل وقال: ما أسمك، فقال: عمر، فقال: يا عمر!! هل فيك قوّة ؟، قال: نعم، ثم التفت إلى أصحابه وقال: هل فيكم من يصعد إلى هذا الحائط ؟، فقالوا بأجمعهم: لا قدرة لنا على ذلك، فقال لهم الملك: أنا أصعد عليه بحيلة، وشرط أشترطه عليكم تفعلونه، يكون به الصعود إن شاء اللّه، فقالوا: وما هو ؟، فقال: أخبروني من القويُّ فيكم ؟، قالوا: صاحب الشرطة والسياف؛ فقال: ثم من ؟، قالوا: صاحب العس، قال: ثم من ؟، قالوا: الوزير الأعظم؛ هذا كله وعمر بن سعيد يسمع ويتعجب، فلما علم أنه الملك فرح فرحاً شديداً ثم قال عمر: أنا يا مولاي السّلطان، فقال الملك: يا عمر إنّك اطلعت على أسرارنا وعرفت أخبارنا فأكتم سرنا تنجو من شرنا ثم قال للسياف: إجعل يدك على الحائط وأخرج ظهرك، ففعل، ثم قال لصاحب العس: اصعد على ظهره واجعل رجليك على أكتاف الأول ويديك في الحائط ثم أمر الوزير بالصعود فصعد على أكتاف الأول ثم صعد على ظهر الثاني فوقف على أكتافه ويداه في الحائط ثم قال الملك: يا عمر اصعد إلى مكانك الأعلى، فتعجب عمر من هذا التدبير وقال: نصرك اللّه يا أمير المؤمنين ونصر رأيك السديد ثم صعد على أكتاف السياف ثم على ظهر صاحب العس ثم على ظهر الوزير ووضع رجليه على أكتاف الوزير ويديه في الحائط، ولم يبقى إلاّ الملك، ثم إن الملك قال: بسم اللّه ووضع رجليه على صاحب الشرطة وقال له اصبر ولك عندي كذا وكذا، ووضع رجليه أيضا على صاحب العس وقال له اصبر ولك عندي كذا وكذا ثم صعد على ظهر الوزير وقال له اصبر ولك عندي كذا وكذا والحظ الوافر ثم صعد على ظهر عمر وقال له اصبر يا عمر فاني جعلتك كاتماً للسر ولا تقلق، ثم جعل رجليه على أكتافه ورمى بيديه إلى السطح وقال: بسم اللّه وعلى بركة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قفز قفزةً وإذا به على السطح ثم قال لأصحابه : ينزل كل واحدٍ منكم على ظهر صاحبه، فنزلوا و جعلوا يتعجبون في رأى الملك و صحة السياف الذي حمل أربعة رجالٍ بعدتهم ثم إن الملك نظر إلى المنزل فلم يجد له مسلكا فنزع عمامته من رأسه و ربطها بطاقة هناك ربطةً واحدة ثم نزل معها إلى المكان و جعل يدور في المكان إلى أن وجد بابا و عليه قفل كبير فعجب منه و من صعوبته فقال : وصلت ها هنا والأمر للّه، و لكن الذي دبّر لي في الهبوط إلى هنا يدبر لي في الوصول إلى أصحابي، ثم أخذ يدور في المكان و يعد المنازل منزلاً منزلاً إلى أن عدّ سبعة عشر منزلاً و كلها مفروشة بأنواع الفرش المذهبة و القطف و الزرابي الملونة من أولها إلى آخرها، فنظر فرأى منزلاً عالياً مرتفعا على سبع درجات فأتاه و هو يقول : اللّهم إجعل لي من أمري فرجاً و مخرجاً، ثم صعد أول درجة وقال : بسم اللّه الرحمن الرحيم، و نظر إلى الدرجة و إذا هي بالرخام الأكحل و الأبيض و الأصفر و الأزرق و غير ذلك ثم صعد الثانية و قال : نصر من اللّه و فتح قريب، ثم صعد الثالثة و الرابعة و هو يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه و سلم إلى أن وصل إلى الستار الذي بالباب، و إذا هو من الديباج الأحمر، فنظر إلى المكان و إذا به يتوهج بالضوء و فيه ثريات كبيرة و شمع يوقد في حسكات من الذهب و في وسط البيت خصه تفور بالماء و سفرة منصوبة من طرف المكان إلى طرفه و مملوءة بأنواع الغلال و الثمار، و المكان مفروش بأنواع الفرش المذهّبة التي تكاد تخطف الأبصار، فنظر و إذا على تلك السفرة اثنتي عشرة بكراً و سبع من الجواري كأنهن الأقمار، فتعجب من ذلك ثم حقق نظره فرأى جاريةً كالبدر المنير كاملة الأوصاف بطرف كحيل و خد أسيل و قدٍّ يميل، فحار الملك في وصفها و دهش ثم قال في نفسه : كيف يكون الخروج من هذا المكان .. أتركي يا نفسي عنك التعجب، ثم نظر و إذا بأيديهم زجاجات مملؤة بأنواع الخمر و هم يأكلون و يشربون و قد امتلئوا خمراً، فبينما هو يدبر في الخلاص إذ سمع جاريةً من الجواري تقول لصاحبتها : يا فلانة قومي لتوقدي لنا الشمع .. أنا و أنت و فلانة إلى المكان الآخر لننام فيه، فقامت و أوقدت و سارت هي و صاحبتها إلى بيت آخر وفتحتا بابه و أوقدتاه، و الملك اختفى في مكان آخر ثم خرجتا لتقضيا الضرورة البشرية، فلما غابتا دخل الملك ذلك البيت و اختفى في بعض مقاصره و قلبه معلق بأصحابه و كذلك أصحابه قلقوا عليه و قالوا : إنّ الملك غر بنفسه . فبينما كان الملك مختبئاً إذ دخلتا وغلّقتا الباب، وهما ممتلئتان خمراً ثم نزعتا ماعليهما من الثياب و جعلتا تنكحان بعضهما بعضاً، فقال الملك لنفسه : صدق عمر في قوله، دار الخنا و معدن الزّنا . فقام الملك و طفئ السراج و نزع حوائجه و دخل بينهما، و كان قد عرف أسمائهما قبل ذلك، فقال لواحدةٍ : أين وضعت مفاتيح الأبواب، و ذلك خفية، فقالت : أرقد .. المفاتيح مكانها، فقال الملك في نفسه : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العليُّ العظيم، ما حصلت على طائل، ثم قال الملك : يا فلانة أخبريني أين وضعت المفاتيح، فإن النّهار قريب، لكي تغلقي الأبواب إذا طلع النهار و تخمّلي المكان وتنظفيه، فقالت : المفاتيح في مكانها المعلوم، و المكان أنت تعلمينه، أرقدي حتى يطلع النهار، فقال : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العليّ العظيم، لولا الخوف من اللّه لمشيت عليهما بالسيف، فقالت إحداهما : يا فلانة، فردت : نعم، فقالت لها : إن قلبي ما حدثني على المفاتيح خيراً، أخبريني أين وضعتها ؟، فقالت : يا قحبة ! أكلك فرجك وأبطأ عليك نكاحك ! فما طقت الصّبر في ليلة واحدة ! فكيف بامرأة الوزير !! لها ها هنا ستة أشهرٍ و ضرغام في كل ليلة يراودها و هي تأبى .. اذهبي فإن المفاتيح في جيب العبد ضرغام، بل قولي له أعطيني إيرك يا ضرغام؛ و كان اسم العبد: ضرغام؛ ثم سكتت و سكت الملك و فهم المقصود، ثم إنه صبر قليلاً حتى نامت الجارية و أخذ أثوابها و جعلها عليه و تقلد بسيفه من تحت الثياب و تقنّع بقناع من حرير حتى إنه لم يفرق من النساء، ثم فتح الباب و دخل خفيةً و أتى إلى المكان الأول خفية، و أتى إلى المكان الثاني فوقف على الباب و دخل تحت الستار فوجدهنّ قد امتلأْن خمراً و البعض رقود و البعض قعود فقال في نفسه : يا نفس أدحضي، فإنك الملك، فإنك وقعت بين خمارين لا يعرفون الملك من الرعية و أظهري قوتك، ثم دخل و جعل يترامى كالمخمور إلى أن أتى إلى السرير فظن العبد و الجواري أنها الجارية التي كان يتكلم معها، فطمع العبد ضرغام في نكاحها لمّا رآها قصدت الفراش و قال لنفسه : هذه ما أتت هنا و قصدت الفراش إلاّ مشتهية النكاح، ثم قال لها : يا فلانة أنزعي ثيابك و أدخلي الفراش حتى نأتي، فقال الملك : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم، صدق عمر؛ ثم جعل يفتش في الثياب و المكاتب فلم يجد شيئا فقال ما أراد اللّه يكون، و إذا بطاقة عالية فمد يده إليها فوجد ثوباً مذهّبا فرمى يده في جيبه فإذا هو بالمفتاح و إذا هي السبعة مفاتيح على عدد الأبواب، فقــال : اللّهم لك الحمد، ثم قال : لن أخرج من هنا إلاّ بحيلة، ثم جعل يتقيّأ و خرج و هو يتبوّع و يترامى إلى أن حصل في وسط الدار، فقال العبد : بارك اللّه فيك يا فلانة لو كانت غيرك لتقيأت على الفراش، ثم إن الملك أتى الباب الأول و فتحه ثم أغلقه خلفه ثم فتح الباب الثاني و أغلقه خلفه إلى تمام سبعة أبواب فوجد أصحابه في حيرةٍ كبيرةٍ، فسألوه عن الخبر، فقال لهم : ليس هذا وقت السؤال و النهار قريب فأدخلوا على بركة اللّه و كونوا على حذر فإن المكان فيه سبعة من العبيد و اثنتي عشرة بكراً و سبعة من الجواري كأنهن الأقمار، فجعلوا يتعجبون من شجاعته، فقال له الوزير : ما هذا اللّباس يا مولانا، فقال : أسكت فما توصلت للمفاتيح إلاّ بهذه الكسوة، ثم دخل البيت و نزع ما كان عليه و لبس ثيابه و أتى المنزل الذي فيه العبد و الجواري و وقفوا قبله خلف الستار و نظروا فقالوا : ليس فيهن من تعي ما حولها إلاّ المرأة الجالسة على المرتبة العالية، فقال الملك : لا بد لي منها، إن لم يوصلها أحد؛ فبينما هم كذلك هبط العبد ضرغام من الفراش و هبطت خلفه جارية عظيمة ثم قام عبد آخر و صعد بجارية أخرى و هكذا إلى السادسة و هم ينكحون فيهن واحدة بعد واحدة و لم يبق إلاّ تلك المرأة و الأبكار، و كل امرأة تطلع شديدة البأس و تهبط منكّسة الرأس، ثم إن العبيد جعلوا يراودون تلك المرأة واحداً بعد واحد إلاّ تلك المرأة أبت وقالت : لا أفعل هذا أبداً، أنا و أولئك الأبكار، فنحن أمانة اللّه عندكم، فقام ضرغام و إيره واقف كالعود وجعل يلطم وجهها و رأسها و قال : هذه ستة أشهر و نحن نراودك و تمتنعين، فلا بد من نكاحك في هذه الليلة، فلما رأت منه الجد و هو سكران جعلت تلاطفه و تواعده، فقال لها : نفذ صبري من الملاطفة و الوعد؛ فقالت له : إجلس ففي هذه الليلة تبلغ مرادك، فجلس العبد و إيره كالعود، و السلطان يتعجب و هي تقول من صميم قلـــــبها و تــنشد و تستغيث :
تـمنيت وصل فتى يكون حـقيقة صـنديد مافيه للناس طميعة
قـوي المتاع كالعود إذا بدا وفي طوله والعرض في كل جهة
لـه رأس قالقنديل يظهر للورى غـلـيظ بـلا شـبه في الخليقة
قـويا متينا مستدير دماغه وحـيا بطول الدهر ليس بميت
فيهوى قيام الليل من فرط حبه ويـبـك لفرجى ثم يشكو لعانتى
ولا يـستغيث ولا يغاث ولا يرى صـديقا يقاسى معه عظيم المشقة
و لا يرى ما قد حل فيه من الأذى فـيخرطه خرطا ويظفر بظفرتى
و يـعـجـن عجنا مستديما مبلغا امـامـا و خـلفا مع يمينا ويسرة
و يـنـطح نـطحة بعزم و قوة ويـحيط رأ س الإير باب السكينة
يـقـلبنى ظهرا وبطنا وجانبا بـبـوس قـوى ثم عض لـشفتى
لمز وتعـنيق في الفراش ممرضا تـكـون لـديه مثل ضعف الاناثة
فـيـبـدأني بالعض من قرني الى قـدمـى تـقـبـلاً يكون بحرقة
اذا مـا رآنـى طبت جاء معجلاً و يـحـل بأفخاذى يقبّل عانتي
و يـمـكنه في يدي لكي ما تدكه إلى ان يصل رحمي وتقترب شهوتي
و يهز هزا عـجيبا نـعـيـنه بــهـزي هزاً يكون بعجلة
ثـــم يقول خذي ذا .. فنجيبه بــأهلاً بك يانور مقلتي
فـيـا سـيد الشبان من أسرت له روحي وعقلي قف لتسمع وصيتي
فــبـاللّه لاتـنـزعه مني وخله لـنشفى بذلك اليوم من كل نكبة
أقـسـم باللّه العظيم فما ترى لـه مـن نزوع منك سبعين ليلة
فـيـكمل فرحي عند ذلك بما أرى مـن الـبؤس والتعنيق في كل ليلة
فلما فرغت من شعرها تعجب الملك من ذلك و قال : قبحك اللّه من إمرأة، ثم إلتفت إلى أصحابه و قال: لا شك أن هذه ليس لها زوج و لا زنت أبداً؛ فقال عمر بن سعيد : صدقت أيها الملك .. زوجها غائب قريب .. و قد راودها على الزنا كثير من الناس، فأبت؛ فقال الملك : إني سمعت أن عندك زوجة صالحة ذات حسن و جمال لا تزني و لا تعرف الزنا، فمن تكون صاحبتك في هؤلاء ؟، فقال : ما رأيتها فيهن أيّها الملك، فقال الملك : إصبر فأنا أريها لك، فتعجب عمر من فطنة الملك، فقال الملك : هذا هو العبد ضرغام، فقال الوزير : هو عبدي؛ فألتفت إليه الملك و قال: أسكت ليس هذا محل الكلام؛ فبينما هم كذلك و إذا بالعبد يراودها على القيام و يقول لها : أعياني كذبك يابدر البدور؛ و كان إسمها كذلك؛ فقال : الملك صدق من سمّاك بدر البدور و إذا بالعبد يجرها ويلطم وجهها و أخذت الملك الغيرة و امتلأ غيظا و غضبا ثم قال لوزيره : أما ترى مايفعل عبدك .. فواللّه لأ قتلنّه شر قتله و لأجعلنّه عبرة للمعتبرين؛ فبينما هم كذلك إذ سمعها تقول : أتخون الملح وتغدر بإمرأة الوزير !! أين صاحبتك و جميلها التي عملت معك، فقال الملك للوزير : أتسمع؛ ثم قامت و رجعت لمكانها التي كانت تنشد فيه و أنشدت تقول :
أوصي الرجال على النساء لأنهن شــهواتهن بين العيون مسطرا
لاتـركـنـون لـكيد إمرأة ولو كـانت من ابناء الملوك مـشهرا
إيـاك ان تركن لهن بجمعهن أو ان تـقـول فلانة نعم المرأه
أو أن تـقول شريكة في العمر أو كـــبرت فخل عنك من افترا
أو ان تـراها في الفراش حبيبة حــب النساء في حينه هذا جرا
اذا كنت فـوق الصدر أنت حبيبها و قت الـنكاح صديقها يا مسخرا
و مـن بـعد ذا أنت العدو مباين اليها بلا شك وما فيه من مرا
فـيـرقـدن الملوك من بعد سيد وخـــدامه يشبعن فيهن مشهرا
فــلا خـير فيمن كان هذا فعاله يبقى بين النساء مغيرا
فان كـنت فحلا في الرجال حقيقة فـلا تطمئن يوما من الدهر للمرا
قال : فبكى الوزير بعد ذلك فاشار إليه الملك أنْ يسكت فسكت فأجابها العبد بقوله :
نحن العبيد شبعن في النساء و لا نخش مكيد كياد و إن قدرا
ان الـرجـال الينا تطمئن بمن يـعـز عـليهم حقيقة ليس فيه مرا
و انـتـن ايتها النسوان ليس لكن صبرا على الإير هذا القول مشتهرا
فـيـه حياتك .. أيضا موتكم و فيه رغبتكم في الـسر والجهرا
إذا غضبتن على الزواج ترضيكم أزواجـكم بضرب الإير يا حسرا
ثم انه ترامى عليها و هى تبعده عنها، فأخترط الملك سيفه و كذلك أصحابه و دخلوا عليهم فلم يشعر العبد والنسوان إلاّ و السيوف تحز رؤوسهم، فقام واحداً منهم و حمل على الملك و أصابه، فضربه السياف ضربة فصل بها رأسه عن جسده، فقال : الملك اللّه اكبر لا عدمت يداك، نكب اللّه أعداءك و جعل الجنة مأواك، فقام عبد آخر من بينهم و ضرب السياف بحسكةٍ من فضةٍ، فتعرض لها السياف بسيفه فأنكسر السيف، و كان السياف عظيماً فلما رأى سيفه انكسر غضب غضباً شديداً و اختطفه من ذراعيه و رفعه و ضرب به أعلى الحائط فكسر عظامه، فقال الملك : اللّه اكبر لا شُلّت يداك من سيّاف، بارك اللّه فيك؛ فلما رأوا العبيد ما وقع بهم سكتوا فوقف الملك على رؤسهم و قال : من رفع يده ضربت عنقه ثم أمر بربطهم و شد أيديهم لظهورهم الخمسة الباقين ثم قال الملك لبدر البدور : زوجة من أنت، و لمن يكون هؤلاء العبيد ؟، فأخبرته كما أخبره عمر بن سعيد، فقال لها : بارك اللّه فيك .. كم تقدر المرأة صبراً على النكاح ؟، فخجلت، فقال لها: تكلّمي و لا تخجلي، فقالت : يا مولاى الحسيبة الخيرة تصبر على النكاح ستة أشهر و المرأة ليس لها قرار و لا لها نهاية و لو أصابت رجلاً لا تفلته عن صدرها ولا تنزع إيره عن فرجها؛ فقال : و نساء من هؤلاء ؟، فقالت : هذه المرأة للقاضى، قال: و هذه ؟، قالت : إمرأة الكاتب و هذه إمرأة الوزير الأصغر وهذه إمرأة رئيس المفتيين وهذه إمرأة المتوكل على بيت المال، و النساء الباقيات نساء أضياف و فيهن إمرأة عجوز لهذا العبد فما زال العبد يراودها عن نفسها إلى الآن؛ فقال عمر: هي التى تكلّمت عليها؛ فقال الملك : إمرأة من هي ؟، فقالت : إمرأة أمين النجارين، قال : و بنات من هؤلاء ؟ فقالت : هذه إبنة الكاتب على الخزانه و هذه إبنة أمين المؤذنين و هذه إبنة أمين البنائين و هذه إبنة صاحب العلامات؛ و لم تزل تخبره بواحدةٍ بعد واحدة إلى الإنتهاء؛ فقال : ما السبب في إجتماعهن؛ قالت : يا مولانا هذا الوصيف ماغرامه إلاّ النّكاح و الشّراب لا يفتر من النكاح ليلاً و لا نهاراً و لا يرقد إيره إلاّ إذا نام، قال : فما غذاؤه، قالت : غذاؤه مخاخ البيض مقليةً في السمن مطفيةً في العسل الكثير برغائف السميد و لا يشرب إلاّ الخمر العتيق الممسّك، قال : فمن يأتيه بنساء أهل الدولة، قالت : يامولانا عنده عجوز كبيرة تطوف بديار المدينة لا تخفى عليها دار و لا تختار له و لا تأتيه إلاّ بمن تكون فاتنةً في الجمال و لا تأتي المرأة إلاّ بالأموال الكثيرة و الحلل و الجواهر و الياقويت و غير ذلك، فقال : من أين يأتيه هذا المال فسكتت عنه، فقال : أخبريني، فغمزته بطرف عينها من عند إمرأة الوزيرالأعظم، ففهم الملك ذلك ثم قال : يا بدر البدور أنت عندي صادقة و شهادتك شهادة عدلين، أخبريني عن شأني، فقالت : سالماً و لو طال الموقع، فقال : هكذا، فقالت : نعم، ففهمت كلامه و فهم كلامها، و معنى شأني : أي أخبريني هل سلم عرضي أنا .. أي حريمي منه، قالت : سالماً و لو طال الموقع، و تعني : فلو لم تفعل به هذا الفعل و طال عمره حيا لتعاطى حريمك، ثم قال لها : و هذا العبد قد تكشّف على نساءٍ كثيرةٍ، إذا شبع منهن جعل يعرضهن على هؤلاء العبيد كما رأيتم، فقال الملك : ما الرجل إلاّ أمانة عند النساء، ثم قال : يا بدر البدور و هل هناك شيء ساعدتيه أنت و زوجك على الضّلال و لم تخبريني به ؟، فقالت له : يا ملك الزمان و يا عزيز السلطان، أمّا زوجي فليس عنده خبر إلى الآن، و أمّا أنا فلا أقول شيئا إلاّ الأبيات التي سمعتها و التي أوصي فيها الرجال على النساء لأنهن .... إلخ . فقال : يا بدر البدور!! أخذت بعقلي .. أناشدك اللّه و سألتك برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أخبريني عن نفسك و لا بأس عليك؛ فقالت : و اللّه يا سلطان الزمان و بربّك و نعمتك و الذى سألتني به أنّي لم أرضى بزوجي في الحلال فكيف أرضى بالحرام؛ فقال : صدقت، و لكن شعرك المتقدم الذى انشدته أوقع لي فيك الشك؛ قالت : ما تكلمت إلاّ في ثلاث مسائل، الأولى لما رأيت ما رأيت تحيلت كما تتحيل الفرسة، و الثانية جرى مني إبليس مجرى الدم، و الثالثة ليطمئن قلب العبد لكي يسهل اللّه عليّ خلاصي منه؛ قال : صدقت ثم سكت ساعة و قال : يا بدر البدور ما سلمت إلاّ أنت ؟! أيْ ما سلم أحد من الموت إلاّ هي، ثم ان الملك أوصى بكتم السر و أراد الخروج فأقبلن تلك النسوة و البنات على بدر البدور و قلن لها إشفعي فينا فإنك مقبولة عنده، و جعلْن يبكين، فلحقته إلى الباب و قالت له : ما حصلت منك على طائل، فقال : أما أنت فتأتيك بغلة الملك فتركبي و تأتي، و أما هؤلاء فللموت جميعاً، فقالت : يا مولانا .. أريد مهري من عندك، قال لها : الذى تطلبي يأتيك؛ فقالت : أريد ان تقسم باللّه العظيم أنّ الذى أطلبه منك تقبله؛ فأقسم لها؛ فقالت : مهري عندك العفو عن جميع النسوة و البنات لئلاّ تقع ضجةً و فضيحةً كبيرةً في المدينة؛ فقال الملك : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم؛ ثم إنه أخرج أولئك العبيد و ضرب أعناقهم و بقي العبد ضرغام، و كان عظيم الهامة طويل القامة فجدع أنفه و أذنيه و شفتيه و ذكره و جعله في فيه و صلبه على السور و علق جميع أصحابه السبعة ثم ذهب إلى قبته فلما طلع النهار و بان ضوءه أرسل إلى بدر البدور فأتت إليه بأفخر الثياب فأعطاها لعمر بن سعيد وجعله كاتم السر عنده ثم أمر الوزير بطلاق أهله و أحسن للسياف و لصاحب العس ثم أوصى على منزل الوزير و أرسل خلف العجوز القوادة فمثلت بين يديه، فقال : أخبرينى بمن يفعل هذا الفعل غيرك و يأتى بالنساء للرجال، فقالت : عجائز كثيرة؛ فجمعهن و أمر بقتلهن فقتلن، و قطع عرق الزّنا من بلده و أحرق شجرته و هذا أقل ما يفعل من مكائد النساء و احتيالهن على أزواجهن؛ و لتعلم أنّ الرجل إذا أوصى على زوجته وقع في أكبر المضرة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباب الثالث
المكروه من الرّجال

إعلم ... يرحمك اللّه ... أيها الوزير أنّ المكروه من الرجال عند النّساء هو الذي نراه رث الحالة قبيح المنظر صغير الذكر، فيه رخوة و يكون رقيقا، و إن أتى إلى المرأة لم يعرف لها قدر و لا حظ؛ يصعد على صدرها دونما ملاعبة و لا بوس و لا تعنيق و لا عض، يولج فيها ذلك الذكر بعد مشقة و تعب فيهز هزةً أو هزتين و ينزل عن صدرها فتلقى نزوله عن صدرها أحسن من عمله، ثم يجذب ذكره و يقوم، كما قال بعضهم يكون سريع الهراقة بطيء الأفاقة صغير الذكر ثقيل الصدر خفيف العجز و هذا الأخير فإن المرأة به أدرى ..

إعلم ... يرحمك ألله ... أن الإير فيه فائدة كبيرة؛ فقد حُكي أنّ رجلا كان صغير الذكر رقيقاً جداً و كانت له امرأة جسيمة خصيبة اللّحم فكان لا يعجبها في الجماع، فجعلت تشكو به لجميع أصحابه مدة من الزمان و كانت ذات مال و كان هو ذا فقرٍ، فكان يراودها أنْ تعطيه شيئاً فتأبى، فذهب إلى أحد الحكماء و رفع أمره، فقال له : لو كان إيرك كبير لكنت أنت الحاكم على المال، ألم تعلم أنّ النّساء دينهن و عقلهن في فروجهن و لكنْ أذكر لك ما يكون الدواء، و أتدبر لك فيه، ثم إستعمل له الدواء الذي سأذكره لك، فيعظم إيرك؛ فاستعمل هذا الرجل ما ذكره له الحكيم فعظم إيره و استمر في استعماله مدة من الزّمن، فلما رأته زوجته على تلك الحالة تعجبت منه و أعطته مالها و ملّكته نفسها و جميع أثاثها .

الباب الرّابع
المكروه من النســـــاء

إعلم ... يرحمك اللّه ... أيها الوزير إنّ المكروه من النّساء عند الرّجال : المرأة البارزة الجبهة الضيقة العينين مع رطوبة كبيرة في الأنف و زرقة الشفتين، واسعة الفم مكمشة الخدين مفترقة الأسنان نابتة الشعر في الذقن رقيقة الرقبة بعروق خارجة، فيها قلة عرضٍ في الأكتاف و قلة عرض الصدر، لها نهدين كالجلود الطّوال و لها بطن كالحوض الفارغ و سرةً طالعةً كالكوز و ضلوع ناطقين كالأقواس و ظهرٍ له سلسول طالع و أترام ليس فيها لحم و فرج واسع بارد نتن الرائحة أصلع ذو قذارةٍ و عفونةٍ و ماء ؛ كبيرة الركبتين و الرجلين و اليدين و رقيقة الساقين؛ فصاحبة هذه الخصال لا خير فيها و لا فيمن يتزوجها و يقربها؛ حفظنا اللّه منها، و المكروه منهن أيضا المرأة كثيرة اللّعب و الضّحك، فهى زانية قحبة، و المكروه منهن كثيرة الحس عالية الصوت كثيرة الكلام خفيفة الرّجل كثيرة القال و القيل نقالة الأخبار قليلة كتم الأسرار كثيرة الكذب، صاحبة الحيل صاحبة الضّلال غمازةً همازةً لمازه إنْ قالت كذبت و إنْ وعدت أخلفت و إنْ إئتُمنت خانت، صاحبة غيبة و نميمة كاشفة أسرار زوجها، سارقةً فاسقةً غياظةً كثيرة التدبير كثيرة الإشتغال بالناس و عيوبهم كثيرة البحث و التفتيش عن الأخبار الباطلة، كثيرة الرقاد قليلة الشغل كثيرة الشماتة بالمسلمين و بزوجها، منتنة الرائحة إذا أتت قتلت و إذا ذهبت أراحت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباب الخامس
الجمــــاع


إعلم ... يرحمك اللّه ... أيها الوزير إذا أردت الجماع فلا تقربه إلاّ و معدتك خالية من الطعام و الشراب فيكون الجماع أسلم و أطيب، فإذا كانت المعدة مثقلة كانت في الجماع مضرة على الإنسان، و هو أنّه يولج الفالج و نحوه و أقل ما يكون في البدن يقطع البول و يقلّلْ من البصر و إذا جامعت خفيفاً من الطعام و الشراب أمنت من ذلك و لا تجامع إمرأة إلاّ بعد ملاعبتها فإن ذلك يجمع ماءك و ماءها و تقرب الشهوة من عينها و ذلك أروح لبدنها و أطيب لمعدتها، فإذا قضيت حاجتك فلا تقوم عنها قياما تترامى فيه بالعجلة و ليكن على يمينك برفق .

الباب الخامس
كيفيـــــة الجمـــــاع

إعلم ... يرحمك اللّه ... أيها الوزير أنّك اذا أردت الجماع فعليك بالطّيب، و إنْ تطيّبْتُما كان أوفق لكما ثم تلاعبها بوساً و عضاً و تقبيلاً في الفراش ظاهراً و باطناً حتى تعرف الشهوة قد قربت في عينيها ثم تدخل بين فخذيها و تولج إيرك فيها و تفعل، فإن ذلك أروح لكما جميعاً و أطيب لمعدتك.
قال بعض الحكماء : إذا أردت الجماع فألقي المرأة على الأرض و هزّها إلى صدرك مقبلاً لفمها، و رقبتها مصاً و عضاً، و بوساً في الصّدر و النّهود و الأعكان و الأخصار و أنت تقلبها يمينا وشمالاً إلى أن تلين بين يديك و تنْحل، فإذا رأيتها على تلك الحالة فأولج فيها إيرك، فإذا فعلت ذلك تأتى شهوتكما جميعا و ذلك يقرّب الشّهوة للمرأة، و إذا لم تنل المرأة غرضها لا تأتيها شهوة، فإذا قضيت حاجتك و أردت النزول فلاتقم قائماً و لكن عن يمينك برفق، فإن حملت المرأة في تلك الساعة يكون ذكراً إن شاء اللّه تعالى، هكذا ذكره أهل الحكمة، و قال المعلم رضى اللّه عنهم أجمعين إن من وضع يده في جوف المرأة الحامل و قال بسم اللّه و صلّى اللّه على سيدنا محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قال أللّهم بحرمة سيدنا محمد صلى اللّه عليه و سلم يكون هذا الحمل ذكراً فأسميه محمد على إسم نبيك صلّى اللّه عليه و سلم، و بعد النية في ذلك فإن اللّه تعالى يكوّنه ذكراً ببركة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم, و لا تشرب عند فراغك من النكاح شربة من الماء فانه يرخى القلب، و إن أردت المعاودة فتطهرا جميعاً فإن ذلك محمود و إياك أنْ تُطلعها عليك فإني أخاف عليك من مائها و دخوله في إحلليك فإنه يورث الفتق و الحصى، و الحذر بعد الجماع من شدة الحركة فإنها مكروهة، و يستحب الهدوء ساعةً، و إذا أخرجت الذّكر من الفرج فلا تغتسله حتى يهدأ قليلاً، فإذا هدأ فأغسله برفق و لا تكثر غسل ذكرك و لا تخرجه عند الفراغ فتدلكه و تغسله و تعركه فان ذلك يورث الخمرة . و الفعل له أنواع شتى، قال اللّه تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فإن شئت فعلت كذا و كذا والكل في المحل المعلوم، و أنواع النكاح مايلى :

1- تلقي المرأة على الأرض و تقيم بين أفخاذها و تدخل بين ذلك و تولج إيرك فيها و أنت جالس على أطراف الأصابع و هو لمن إيره كاملاً .
2- من كان قصير الذكر فيلقي المرأة على ظهرها ثم يرفع رجلها اليمنى حذو أذنه اليسرى و ترفع إلْيتها في الهواء فيبقى فرجها خارجاً فيولج إيره فيه .
3- و هو أنك تلقي المرأة على الأرض و تدخل بين أفخاذها و تحمل ساقاً على جنبك تحت ذراعك و تولج فيها.
4- و هو أنك على الأرض ثم تحمل ساقيها على كتفك ثم تولج فيها .
5- و هو أنك تلقيها على جانب و أنت على جانب ثم تدخل بين أفخاذها و تولج فيها و لكن هذا الجماع يورث عرق النساء .
6- و هو أن تلقي المرأة على ركبتيها و مرافقها و تأتى أنت من خلفها و تولج فيها .
7- و هو أن تلقي المرأة على جنبها ثم تدخل بين فخذيها و أنت جالس في فراشك ثم تجعل رجلاً فوق كتفك و الأخرى بين فخذيك و يديك محضنةً فيها .
8- و هو أن تلقي المرأة فوق الأرض و تحل ساقيها بعضها عن بعض ثم تحمل ركبة من هذا بحيث أنّ ساقيها يبقيان بين فخذيك و تولج فيها .
9- و هو أن تلقيها على ظهرها على دكان قصير بحيث تكون رجلاها في الأرض و ظهرها على الدكان و إليتها على الحائط ثم تولج فيها .
10- و هو أنْ تأتى إلى سدرة قصيرة فتمسك المرأة في فرع منها ثم تأتى أنت فتقيم ساقيها إلى وسطك ثم تولج فيها .
11- و هو أنْ تلقيها إلى الأرض ثم تعمل و سادة تحت إليتها ثم تبعد ما بين فخذيها و تجعل أسفل رجلها اليمنى على أسفل رجلها اليسرى ثم تولج فيها، و أنواع هذا الباب كثيرة .

الباب السابع
مضــــرّات الجمـــــاع

إعلم ... يرحمك اللّه ... أيها الوزير إن مضرّات الجماع كثيرة، فأقتصرت إلى مادعت الحاجة اليه و هى كالتالي : النكاح واقف يورث وهْن الركبتين و يورث الرّعاش، و النكاح على جنب يورث عرق النساء، و النكاح قبل الفطور يورث العمى و يضعف البصر، و تطليع المرأ ة على صدرك حتى ينزل المني و أنت ملقى على ظهرك يورث وجع القلب، و إن أصابه شىء من ماء ألمراة في الإحليل أصابه الأركان و هى القتلة، و صب الماء عند نزوله يورث الحصى و يعمل الفتق، و كثرة الحركة و غسل الذكر عاجلاً بعد الجماع يورث الحمرة، و وطء العجائز سم قاتل من غير شك، و كثرة الجماع خراب لصحة البدن لأنّ المني يخرج من خالص الغذاء كالزبدة من اللبن فيكون الباقي لا فائدة فيه و لا منفعة، و المتولّع به يعنى النكاح من غير مكابدة يأكل المعاجن و العقاقير و اللّحم و العسل و البيض و غير ذلك يورث له خصائل و هى الأولى : تذهب قوته، و الثانية : يورث قلة النظر إنْ سلم من العمى، و الثالثة : يربّي الهزل، و الرابعة : يربّي له رقة القلب إن هرب لا يمنع و إن طرد لا يلحق و إن رفع ثقيل و إن عمل شغل يعي من حينه؛ و قال : إن المقدار الأصح في النكاح لأصحاب الطبائع الأربعة الدموي و البلغمي له أن ينكح مرتين أو ثلاثة و الصفراوي و السوداوي له أن ينكح في الشهر مرة . قلت : و لقد إطلعت على أناس هذا الزمان سوداوي و صفراوي و دموي و بلغمي لا يفترون عن النكاح لا ليلاً و لا نهاراً، حتى أورث لهم عللاً كثيرةً ظاهرةً و باطنة لا يُعرفون إلاّ بها . و قد جمعنا منافع و مضار بني آدم في هذه الأبيات على سبيل الإقتصار و ذلك لأن هارون الرشيد أرسل إلى حكيم أهل زمانه و أعرفهم بالطب فسأله فجمع ذلك في أبيات من النّظم و جعلها في غاية الإختصار لتكون في ورقةٍ واحدةٍ تحمل في الحضر و السفر سهلة للحفظ و هي كالتالي :

تـوقّ إذا شــئت إدخال مطعم على مـطـعم من قبل فعل الهواضم
و كـل طعام يعجز السن مضغه فـلا تبتلعه فهو شر المطاعم
و لا تـشرب على طعامك عاجلا فـتـقـود نـفـسك للأذى بزمام
ولا تحبس الفضلات عند اجتماعها و لو كنت بين المرهقات الصوارم
و لا ســـيما عند المنام فدفعها إذا مـا أردت الـنــوم ألزم لازم
و جدد على النفس الدواء و شربه و ما ذاك إلاّ عند نزول الـعظائم
و وفر على الـنفس الواء لأنها لـصـحبـة أبدان و شد الدعائم
و لا تكُ في وطء الكواعب مسرعا فإسرافنا في الوطء أقوى الهدائم
فـفـيـه دواك و يـــكفيك أنه لـمـاء حياة مورق في الأرحام
و إيـــاك إياك العجوز ووطئها فـمـا هي إلاّ مـثـل سـم الأراقم
و كن مستخفيا كل يوم وليله وحـافظ على هذي الخصال وداوم
بــذاك أوصانا الحكيم يبادر أن أخا الفضل والإحسان غير الأعاجم

و أجمع الحكماء و الأطبّاء أن كل آفه تقع لبني آدم أصلها من النكاح فإنه البلاء الأكبر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق