السبت، 31 أغسطس 2013

جواهر

شارل بودلير

الجَوَاهِـر


كَانَت الغَالِيَةُ عَارِيَةً، وَإِذْ تَعْرِفُ قَلْبِي،
فَلَم تُبْقِ إِلاَّ عَلَى جَوَاهِرِهَا الرَّنَّانَة،
الَّتِي كَانَت عُدَّتُهَا الثَّرِيَّةُ تَمْنَحُهَا السِّيمَاءَ المُنْتَصِرَة
لِعَبِيدِ المُورِ فِي أَيَّامِهِم السَّعِيدَة.

وَحِينَمَا تَرْمِي وَهيَ تَرْقُصُ صَخَبَهَا الحَيَّ وَالسَّاخِر،
يَخْطُفُنِي فِي نَشوَةٍ هَذَا العَالَمُ الوَامِض
مِنْ مَعْدَنٍ وَحَجَرٍ كَرِيمٍ، وَأُحِبُّ فِي الاهْتِيَاج
الأَشيَاءَ الَّتِي يَمْتَزِجُ فِيهَا الصَّوْتُ بِالضَّوْء.

هَكَذَا كَانَت رَاقِدَةً، مُسْتَسْلِمَةً لِلْحُب،
وَمِنْ أَعْلَى الأَرِيكَةِ كَانَت تَبْتَسِمُ فِي هَنَاء
إِلَى حُبِّيَ العَمِيقِ وَالعَذْبِ كَالبَحْر
الَّذِي يَصَّاعَدُ نَحْوَهَا مِثْلَمَا نَحْوَ جُرْفِهَا.

العَيْنَانِ تُحَدِّقَانِ فِيَّ، مِثْلَ نَمِرٍ مُرَوَّض،
وَبِسِيمَاءَ غَامِضَةٍ وَحَالِمَةٍ كَانَت تُجَرِّبُ الأَوْضَاع،
وَالبَرَاءَةُ المُتَوَحِّدَةُ بِالشَّبَق
كَانَت تَمْنَحُ سِحْرًا جَدِيدًا لِتَحَوُّلاَتِهَا؛

وَذِرَاعُهَا وَسَاقُهَا، فَخْذُهَا وَحِقْوُهَا،
النَّاعِمُونَ كَالزَّيْتِ، مُتَمَاوِجِين كَبَجَعَة،
كَانُوا يَمُرُّونَ أَمَامَ عَيْنَيَّ البَصِيرَتَيْنِ الهَادِئَتَيْن؛
وَبَطْنُهَا وَثَدْيَاهَا، عَنَاقِيدُ خَمْرِي،

كَانُوا يَتَقَدَّمُون، أَكْثَرَ غُنْجًا مِنْ مَلاَئِكَةِ الشَّر،
لِيُزْعِجُوا الرَّاحَةَ الَّتِي اسْتَكَانَت إِلَيْهَا رُوحِي،
وَيُزِيحُوهَا عَنْ صَخْرَةِ البِللَّور
الَّتِي كَانَت جَالِسَةً عَلَيْهَا، هَادِئَةً مُنْفَرِدَة.

بَدَا لِي أَنَّنِي أَرَى، فِي صُورَةٍ جَدِيدَة،
أَفْخَاذَ أَنْتِيُوب مُتَّحِدَةً بِجِذْعِ صَبِيٍّ أَمْرَد،
وَقَوَامُهَا كَانَ يَدْفَعُ إِلَى البُرُوزِ بَحَوضِهَا.
وَعَلَى هَذِهِ المِسْحَةِ مِنَ الشُّقْرَةِ وَالبُنِّي كَانَ الخِضَابُ رَائِعًا!

- وَلأَنَّ المِصْبَاحَ قَد اسْتَسْلَمَ لِلْمَوْت،
كَانَت المِدْفَأَةُ وَحْدَهَا مَا يُضِيءُ الغُرْفَة،
وَكُلَّمَا صَعَّدَت تَنْهِيدَةً مُتَّقِدَة،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق